سبق وأن كتبت مقال مخصوص عن مسلسل إلا أنا، بسبب إعجابي به وبمناقشته للعديد من القضايا التي تخص المرأة بشكل خاص، والمشاكل الحياتية بشكل عام، لذلك قررت أن أكتب مقال آخر عنه.
حكاية «لازم أعيش» من مسلسل إلا أنا
كتبت المقال عن مسلسل إلا أنا قبل عرض حكاية «لازم أعيش» التي تأخرت، وبعد عرضها، وبسبب إعجابي الشديد بالقصة رغم التحفظات على طريقة تمثيل بعض الفنانين، لكنها حكاية مستوحاه من الواقع.
حكاية «لازم أعيش» قصة واقعية من داخل مجتمع متنمر
هذا الواقع الذي يفرض علينا أشياء وتصرفات نحن في غنى عنها، ففي حكاية «لازم أعيش» والدة البطلة وهي الفنانة نجلاء بدر، عودت ابنتها على الكذب وخداع البشر كي تضمن لها حياة هادئة بدون مشاكل بدون تنمر.
اختارت «موني» والدة البطلة جميلة عوض «نور» الطريق الأسهل لحماية ابنتها من التنمر، من القيل والقال، من نظرات قاسية قد تواجهها وتكون عبء على ابنتها التي قد تفقد ثقتها بنفسها بسبب تصرفات البشر.
«نور» التي تعاني من مرض البهاق، اختارت لها والدتها سلاح المكياج كي تدافع به عن نفسها من المتنمرين، المكياج أو أدوات الخداع والتجميل المزيف، كان سلاح «نور» كي تعيش.
ورغم أن طريقة تمثيل جميلة عوض لم تكن أفضل شيئ، حيث سيطر البرود على طريقة تمثيل عوض في الكثير من المشاهد، لكن فكرة المسلسل في المجمل فكرة واقعية ومشكلة حقيقة من مشاكل الحياة، وهذا ما جذب المشاهد لها.
كما تدين تدان
المرأة التي استخدمت الكذب كي تحمي ابنتها من واقع متهالك مليئ بالعقد، هي نفسها كانت ضحية كذبة وخداع من رجل وثقت فيه وتزوجته.
ويكأنها الحياة وكما تدين تدان، كما خدعت سيتم خداعك بنفس الطريقة، فنحن نعيش في دائرة مغلقة من المشاكل والأزمات، فكرة أن تتفاجئ «موني» بكذب زوجها عليها وأن زوجته حية ترزق، وهي بذلك الوضع زوجة ثانية، فكرة عبقرية.
شكرا نجلاء الحديني
لذلك أحب أن أوجه الشكر هنا لاختيار نجلاء الحديني مؤلفة حكاية «لازم أعيش» من مسلسل إلا أنا، للحبكة الدرامية في المسلسل، حيث تطبيق مقوله كما تدين تدان، واكتشاف كذب زوج «موني» عليها.
الجميع ضحايا ونعيش في مجتمع مريض غير سوي نفسيا
أعلم أن حيلة الأم هنا في حكاية «لازم أعيش» حيلة دفاعية عن فلذة كبدها، لكن كان من الأفضل لها أن تترك ابنتها تتعامل مع مرضها بواقعية، وبجرأة.
بجرأة مواجهة مجتمع في الأساس مريض غير سوي نفسيا، مجتمع متنمر يقسوا فيه الكل على البعض المختلف، يقسوا فيه الغني على الفقير، العامل على العاطل، السليم على المريض، المتزوج على الأعزب، الذي يعول أبناء من صلبه على العقيم الذي لم يرزق بأطفال، المقتدر على المحتاج، ... وهذه القسوة في الغالب تكمن في كلمات مجرد كلمات ونظرات يفهمها مباشرة هذا الشخص المختلف، فيشعر بأنه عاجز، بأنه به شيئ ما خطأ، وقد تصل درجة القسوة إلى أفعال وتصرفات مستفزة، قد يلجئ بسببها المتنمر عليه إلى الانتحار.
مجتمع في الأساس ضحية، ضحية أنظمة ظالمة ومستبدة، أنظمة رسخت لمفهوم الطبقة، ورفعت سقف الظلم عاليا أمام الفئة الأكثر احتياجا، فأصبحت ردور أفعالهم ما هي إلا ردا على الظلم الذي يتعرضون له من قبل من يحكومهم، وهو أن يقسوا كلا منهم على الآخر، لآنهم جميعا ضحايا ويشعرون بالظلم.
إذ ربما كانت ستواجه «نور» أو بالأصح سيواجه كل مختلف عن معظم الناس الذي يتعامل معهم، صعوبات وتحديات وعقبات طوال حياتهم بسبب اختلافهم هذا، لكن هو وحده الإيمان بالله والرضا بقضائه وابتلاؤه في الدنيا قادر على أن يمدك بالارادة والعزيمة والقوة على مواجهة كل ما هو صعب في الحياة.
الجزاء من جنس العمل
أعلم أيضا أن الكلام ما أسهله في مثل هذه المواقف والأزمات التي نمر بها، وما فعلته «موني» اذ ربما كان الطريق الأسهل الذي اختارته بعيدا عن المواجهة وتحدي نظرات المتنمرين، ولكنها عوقبت عليه عوقبت عليه من نفس جزاء عملها، والجزاء من جنس العمل.
الكلام سهل
عقاب خداع المظاهر والشكل الحلو الظاهري، عقاب الكذب، لكن اعتقد إنه برغم أن كلام الارادة القوية وتحدي نظرات المتنمرين ومواجهة صعوبات الحياة سهل، إلا أن تنفيذه صعب ويحتاج مجهود كبير .
اليقين وحسن الظن بالله هو السببل لحياة هادئة
تنفيذه يحتاج أكثر لإيمان بقضاء الله وقدره، يحتاج لإيمان قوي بأن الله يختبرنا طوال الوقت، يختبرنا في الصحة في المال في الأولاد وفي أشياء كثيرة، فنحن في هذه الدنيا من الأساس كي ننجح في جميع اختباراتها التي سوف تؤهلنا إلى الفوز بالجنة والتمتع بنعيم أبدي، وهذا النعيم الإبدي لن تحصل عليه بسهولة، وإنما يحتاج منك لمزيد من الصبر والقوة والارادة والعزيمة وقبل كل هذا يحتاج إلى اليقين بالله وحسن الظن به.
